كتب - محمد فكرى - ستظل في نفسي تلك الفكرة ولن أتخلى عنها إلى أن يتوفاني الله ..لن أصدق أبداً أن هناك حكومة في مصر تعمل لصالح المواطن طالما أنها جاءت دون إرادته ودون رغبته وبتزوير الأصوات في مسلسل كوميدي ساخر يسمى انتخابات برلمانية أو مجالس محلية وسأظل على قناعتي بأنها لا تعمل إلا إرضاء لمن جاء بها ولمن يحافظ على استمراريتها.
صدقوني لم أعرف في حياتي بلداً يتمتع بما تتمتع به مصر من قذارة وقمامة ..وقبل أن يتهمني الإخوة الشوفينيون بأني أسيء لسمعة مصر (التهمة الساخرة المعتادة لكل من تحدث عن وضع سيئ في مصر)أود التأكيد على أن ما اقول يراه العالم يومياً في الصحف والبرامج التليفزيونية بل ويرويه السائحون عقب عودتهم إلى بلادهم، فبدلاً من أن يتحدثوا عن أمن مصر وآثار مصر وأخلاق شعب مصر وكرم ضيافة شعب مصر (أين هذه الأشياء الآن؟) ستجدهم يلتقطون صوراً لعربات الكارو والتوك توك وأكوام القمامة التي يسير وسطها الناس ويلهو بها الأطفال وكأنها أكوام من الزهور أو الألعاب اللطيفة!.
شاهد الفيديو
ابعاد مشكلة جامعي القمامةولا يمكن لعاقل أن ينكر بأن المسئولية في الحال المتردي الذي وصلت إليه مصر بمحافظاتها المختلفة هي مسئولية مشتركة بين الحكومة ممثلة في السادة المحافظين القابعين على كراسيهم أبد الدهر - حتى وإن أصيب أهل محافظاتهم بالتيفود - فهم معصومون لا يخطئون والعيب كل العيب في الشعب الذي لا يعرف كيف يحكم ولا يقدر قيمة من يحكمه !!.
أما المسئول الآخر عن هذا التردي هو المواطن نفسه بكراهيته لبلده وغضبه من اتباع أي نظام واحترافه في تكسير القوانين وكأنما يعوض بذلك شيئ من الحرية المفقودة وقبل أن نتحدث عن سلوكياتنا تجاه هذا الأمر تعالوا معي نتعرف على بعض المعلومات الهامة في هذا الإطار:
في محافظة القاهرة وحدها تتولى مهمة النظافة 5 شركات (واتحدث عن القاهرة باعتبارها عاصمة بلادنا ولما تمثله من أهمية سياسية واقتصادية واجتماعية).
1 - إنســـر الأسبانيـة وتتولى مناطق الوايلي - باب الشعرية عابدين - الموسكي وسـط - غـرب منشأة ناصر - بولاق .
2 - مصر لخدمات البيئة الأسبانيـة وتتولى مناطق عين شمس -النزهـة مصـر الجديدة - المطرية مدينـة نصـر شـرق - مدينـة نصـر غـرب - مدينـة السـلام .
3 - أمـــــا الإيطاليـة وتتولى مناطق روض الفرج - الساحل شبـرا - الزيتـون حـدائـق القبة - الزاوية - الشرابية .
4 - الفسـطــاط التـابعـة لهيئة نظافة وتجميل القاهرة وتتولى مناطق السيدة زينب - البساتين - دار السلام - مصر القديمة - الخليفة - المقطم - المرج .
5 - أوربـا 2000 (شركـة مصرية) وتتولى مناطق المعادي - طرة - حلوان - المعصرة - التبين.
وتتلخص مهام هذه الشركات في:
جمع القمامة من الوحـدات السكنيـة. (لا يزال يضطلع بالمهمة جامع القمامة العادي أي أنك تدفع مقابل هذه الخدمة مرتين) .
جمع القمامة من المحـلات التجاريـة. (ولا يقوم بها السادة جامعو القمامة الا بعد تلقي المعلوم من صاحب المحل) .
جمع القمامة من الأسـواق ومـواقف الأتوبيس ودور السينمـا. (حدثني عن نظافة الأسواق ومواقف الاوتوبيس في مصر!) .
جمع القمامة من الوحـدات الطبيـة والتخلص منها بطريقة أمنة. (والدليل باعة العصائر الذين استخدموا اوعية الغسيل الكلوي في تعبئة العصائر) .
جمع مخالفـات المصانـع والـورش. (وتلقى كلها او أغلبها في مياه النيل أو المصارف اما من المصنع نفسه او من عامل النظافة الكسول) .
كنـس وغسيل الشـوارع بالكـامـل. (لا تعليق !!) .
التخلص من القمامة بالدفن الصحي في المقالب. (عدد المقالب الصحية في مصر كلها يكاد يعد على الأصابع) .
رفع الملصقات من علي المباني وأعمدة الإنارة. (ربما شاهدت بعضهم والحق يقال يفعلون ذلك بعد انتخابات مجلس الشعب خوفاًُ من ملصقات الاخوان والمعارضة.. فقط!!)
تنظيف سـلات المهمـلات علـي أعمدة الأنارة. (أين هذه الصناديق ؟!! وهل هي سليمة ؟)
تقدم هذه الخدمات 7 أيام اسبوعيا (أيضاًً .. لا تعليق!!)
فإذا كانت هذه هي الشركات وهذه هي مسئولياتها .. فما الذي جعل عاصمة مصر تصل الى هذا المستوى المزري من القذارة؟
1- روي لي أحد المسئولين ان أحد أهم هذه الأسباب هو جامعو القمامة انفسهم حيث استشعروا الخطر باسناد مهمة جمع القمامة الى الشركات وبالتالي فقدوا مصدر دخلهم ورزقهم ، الأمر الذي حدا بهم الى ان يقوموا بسكب القمامة في الشوارع وافراغ الصناديق التي خصصتها الشركات لجمع القمامة على الأرض وبالتالي يرى المسئولون والمواطنون ان هذه الشركات لا تقوم بعملها إضافة الى تصاعد غضب المواطن بسبب جباية قيمة النظافة منه شاء ام ابى من خلال فواتير استهلاك الكهرباء وبالتالي فهو يدفع مالا في مقابل خدمة لا يراها.
والمشكلة أن السادة جامعو القمامة يجمعون قمامة هي الأغنى من نوعها في العالم وقد يصل سعر الطن منها الى 6000 جنيه نظرا لاحتوائها على مواد ومكونات يمكن ان تقوم عليها عدة صناعات هامة مثل انتاج الكحول والخل والغازات وغيرها كما ان القاهرة تنتج وحدها قرابة 13 الف طن قمامة يوميا، ويمكن للطن الواحد ان يوفر فرص عمل لـ 8 افراد على الاقل، مما يعني انه يتيح توفير 120 الف فرصة عمل من خلال عمليات الفرز والجمع والتصنيع وذلك بحسب دراسة علمية اجراها معهد بحوث الاراضي والمياه والبيئة في مصر .
كما ان جامعو القمامة كانوا يستغلون غنى هذه القمامة المجانية بالمواد العضوية ليطعموا بها الخنازير - مجاناً أيضاً - والتي يتم تسمينها وذبحها ب 25 جنيها للكيلو ان هي بيعت كلحم خنزير وقد يصل الكيلو الى 30 او 40 جنيها ان بيعت على أنها لحم حيوان آخر، وتقول مصلحة الضرائب المصرية ان جمع وبيع مخلفات القمامة مسألة مربحة للغاية، وان اباطرة جمع القمامة يجنون من ورائها ثروات طائلة.. فهي صناعة واموال تأتي من الهواء ويثرى بها هؤلاء فكان لابد وأن يكون تصرفهم بهذا الشكل
2 - الرواتب التافهة التي تدفعها هذه الشركات دفعت العديد من عمال النظافة الى احتراف التسول والشحاذة بل والى تأجير ملابس العمل للآخرين في مقابل 20 جنيها يومياً لذا فحين ترى احد عمال النظافة يحمل كيسا اسود من البلاستيك وهو يتسول قائلا الكلمة المعتادة "كل سنة وانت طيب يا بيه" دون ان ترى سيارة جمع القمامة بجواره او حتى "مقشة" في يده فعليك حينئذ ان تتيقن بأن من أمامك مواطن عادي قام باستئجار ملابس العمل من احد عمال النظافة .. وهذا ما أكده ايضاً الكاتب الساخر بلال فضل في كتابه (سكان مصر الأصليين).
اضافة أن اغلب هؤلاء العمال لا يقومون بجمع القمامة من أمام المحال التجارية مثلا او المنازل الكبيرة ما لم يدفع اصحابها مبلغا يوميا او شهريا - رغم ان هذا عمله - فيكون عقابه بأن يحرم المكان وأصحابه من طلعته البهية لتتراكم القمامة في المكان .
3 - سلوك المواطن المصري والذي يثير تعجب كل من جاء الى مصر من عرب او اجانب .. فهذا يبصق في الأرض وهذا يتبول وهذه تلقى بالقمامة من نافذة المطبخ وآخر يلقي بكيس القمامة من نافذة سيارته لمجرد آنه رأي منديلا ورقياً على الأرض فاعتقد أن هذا المكان مخصص لجمع القمامة وهذا الطفل الذي يلقى بما تبقى من يده من طعام في اي مكان في الطريق لأن أهله لم يغرسوا بداخله قيمة النظافة واهمية السلوك المتحضر ، على أن المواطن المصري حين يخرج من بلاده تراه اكثر الناس التزاما بالقوانين .. والبعض أرجع ذلك الى خوف المواطن المصري التاريخي من وجود من يراقبه باستمرار وبالتالي فهو يخشى ان يتم إلغاء اقامته أو ترحيله إن هو أخطأ .. وليس احتراماً للقوانين أو للقيم الأخرى .. فيما يؤكد البعض بأن المواطن المصري في داخله انسان آخر يتمنى ان يرى كل شيء حوله في غاية النظافة والنظام ولكنه ينقلب الى النقيض اذا ما افتقد هذه الأمور ولعل اكبر دليل على ذلك بيوت المصريين من الداخل وما تمتاز به من نظافة وترتيب حتى وان كانت متواضعة اقتصاديا.
4- غياب الرقابة والمحاسبة والشفافية بل وغياب الديمقراطية .. فلو اننا كنا قد انتخبنا السيد "اللواء الدكتور المهندس" المحافظ او رئيس الحي لكان قد فعل الأفاعيل بشركات النظافة التي لا تقوم بعملها على الوجه الأكمل والا لما انتخب مرة أخرى ولكن كيف ولماذا يكون ولاؤه للمواطن وهو من لم يأت به ويلصقه في مقعده ؟ وماذا يضيره ان تزيد اهرامات مصر في العدد - مع اختلاف النوعية - طالما أن سيادته وأبناؤه يركبون السيارات المكيفة ويقضون الصيف في مارينا بعيداً عن تلك المخلوقات المزعجة وطالما أن المساحة أمام وحول منزله نظيفة ؟ كما أننا لا نعرف على أي أساس يتم اختيار هذه الشركة او تلك ليتم اسناد امر نظافة حى او منطقة ما إليها وما هي معايير هذا الاختيار وما قيمة التعاقد ومتى يمكن انهاؤه من طرف واحد .. بل إن أحد النواب قدم طلب إحاطة عاجل لتفسير أسباب تعديل عقود النظافة الموقعة بين محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية من جهة، والشركة الإيطالية من جهة أخرى، وهو التعديل الذي وضع حداً أقصى للغرامات الموقعة على الشركة مهما كان القصور في العمل، وهو ما يصب في مصلحة الشركة .
ومع غياب الديمقراطية تغيب الشفافية .. وتغيب النظافة !
5 - غياب الرؤية والاستراتيجية والهدف .. وهو احد نتائج "أزهى عصور الديمقراطية" فالسيد المسئول كل ما يهمه هو ان يدمر كل انجازات من سبقه -إن كان له انجازات من الأصل- وبالتالي فهو يبدأ من جديد وتنشأ لجان تنبثق منها لجان ويصرف لها اعتمادات وبدلات للسادة الحضور .. وكل ذلك في ظل غياب هدف واضح ومحدد بمدة معينة ووجود مسئولية موزعة يعاقب المقصر فيها .. فمن سيعاقب من إذا كان الكل في الجرم سواء والكل يستحق العقاب والكل شريك في المسئولية ؟!!
اقتراحات للحل:
ورغم اني لست من انصار تقديم الحلول للقارئ بسهولة دون ان يجتهد هو بنفسه في العمل على ايجاد ذلك لكني ساقترح بعض الحلول .. لعل وعسى
1 - لابد من غرس قيمة النظافة في أطفالنا وتعليمهم ان هذه النظافة أمر تحض عليه الأديان كما أنها تبعد عنه الأمراض وتساعد على خلق جو محيط يساعد على تهدئة النفس وسكينتها بدلا من الاستيقاظ يومياً على صورة أكوام القمامة والقطط والكلاب وبعض الأطفال يتشاركون اللعب فيها !! .
2 - أقول لبعض الشباب ممن لم يصابوا بعد بذلك الداء العضال وهو رغبة الخريج - أي خريج ولو كان معهداً مدة الدراسة فيه عامين - في أن يجلس خلف مكتب مكيف ويتلقى آلاف الجنيهات شهريا مقابل خبراته الحياتية المهولة .. أرجو من هذا الشباب الواعي أن يحاول إقامة صناعة على هذه المخلفات كما فعل هذا الشاب الرائع والذي استضافته الاعلامية منى الشاذلي في برنامجها، فالرجل يعد رسالة علمية في كيفية انتاج مواد نافعة من القمامة كما انه انشأ مشروعا مربحاً وفر عدداً جيداً من الوظائف لأبناء الحي الذي يسكنه وساهم في نظافة المكان .. كم اتمنى ان نستنسخ هذا الرجل الإيجابي!! .
3 - الديمقراطية .. وهي ما أختم به كلمتي .. فحين يوقن المسئول انه مسئول أمام من انتخبه فسيقوم بعمله حق الأداء وسيخشى غضبة المواطن الذي جاء به إلى منصبه وسيعمل على
نشر كافة الحقائق أمام الرأي العام دون مراعاة لمصالح البعض ودون خوف على ضياع نسبة من أرباحه الشخصية ودون خوف من رقيب إلا ضميره
السبت 2 نوفمبر 2013 - 23:34 من طرف مصطفى الزرقا
» عمرة الموتيسكل الصينى
الخميس 23 مايو 2013 - 17:58 من طرف مصطفى الزرقا
» ايات السمع
الثلاثاء 7 مايو 2013 - 14:17 من طرف ابوعمران
» الحاكم على جميع الجن الارضى
الإثنين 6 مايو 2013 - 20:45 من طرف ابوعمران
» انواع السحر واعراضة
الأحد 5 مايو 2013 - 21:28 من طرف midofekry30
» آيات الفتح
الأحد 5 مايو 2013 - 21:18 من طرف midofekry30
» فكرة جديدة لتغير الزيت بالدراجة الصينية
السبت 27 أبريل 2013 - 22:11 من طرف علاء ابو جنه
» علاج سحر النسيان
الأحد 14 أبريل 2013 - 11:27 من طرف ابوعمران
» نفسك تسافر بالمكنة الاسماعيلية من غير ماتقف تريح ادخل هنا وانتا تعرف الفكرة
السبت 6 أبريل 2013 - 2:11 من طرف TheGold